اسباب التأتأه عند الاطفال

التأتأة عند الأطفال

تُعد التأتأة عند الأطفال من أكثر اضطرابات النطق شيوعًا، خاصةً في المرحلة العمرية بين 2 إلى 5 سنوات. وقد يواجه الطفل خلالها صعوبة في النطق بطلاقة، مما يُقلل من ثقته بنفسه ويؤثر على تواصله مع الآخرين. في هذا المقال، نسلط الضوء على أسباب التأتأة، أعراضها، الفرق بين التأتأة الطبيعية والمزمنة، ودور الأهل في دعم الطفل، مع تقديم نصائح عملية للتعامل والوقاية.

ما هي التأتأة عند الاطفال؟

تُعد التأتأة عند الاطفال او التهتهه او تقطيع الكلام من اضطرابات الطلاقة الكلامية الشائعة ، وتُلاحظ غالبًا في سنوات الطفولة المبكرة، خاصة بين عمر 2 إلى 6 سنوات، حين يبدأ الطفل بتعلم تركيب الجمل والتعبير عن أفكاره. التأتأة لا تعني بالضرورة وجود تأخر لغوي أو ضعف ذكاء، بل هي أحيانًا مجرد مرحلة مؤقتة تمر بها كثير من الأطفال في بدايات تطورهم اللغوي.

تعريف التأتأة وأشكالها المختلفة

التأتأة هي تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، أو إطالة في نطق بعض الأصوات، أو توقف مفاجئ في الحديث يصاحبه صعوبة في إخراج الكلمات. تأخذ التأتأة عدة أشكال، مثل:

  • التكرار: كأن يقول الطفل “مـمـمـماما”.

  • الإطالة: مثل “سسسسسيارة”.

  • الاحتباس: حيث يحاول الطفل النطق دون أن يصدر صوتًا واضحًا.

قد تترافق التأتأة مع حركات جسدية مثل رمش العين أو حركات اليد، وهي تظهر بشكل أوضح حين يشعر الطفل بالتوتر أو تحت الضغط.

الفرق بين التأتأة الطبيعية والتأتأة المزمنة

التأتأة الطبيعية غالبًا ما تظهر بين عمر سنتين إلى خمس سنوات، وتكون مرتبطة بمرحلة نمو اللغة. في هذه الحالة، يظهر التلعثم من حين لآخر، خاصة حين يكون الطفل متحمسًا أو متعبًا، وغالبًا ما تختفي دون تدخل علاجي.
أما التأتأة المزمنة فتستمر لأشهر أو سنوات، وتزداد مع التقدم في العمر. في هذه الحالة، تؤثر على ثقة الطفل بنفسه وتفاعله الاجتماعي، وتحتاج إلى تدخل من أخصائي تخاطب لتشخيص الحالة ووضع خطة علاج مناسبة.

أسباب التأتأة عند الأطفال

تعد التأتأة ظاهرة متعددة الأسباب، ولا يوجد سبب واحد واضح يؤدي إلى ظهورها. بل هي نتيجة تفاعل معقّد بين عوامل وراثية، عصبية، بيئية ونفسية. فهم هذه العوامل يُساعد الأهل والمختصين في وضع خطة علاج مناسبة ومبكرة.

العوامل الوراثية والجينية

تشير الدراسات إلى أن التأتأة يمكن أن تكون وراثية، حيث يُلاحظ أنها أكثر شيوعًا بين الأطفال الذين يوجد في عائلتهم أفراد يعانون أو عانوا من التأتأة في الطفولة. وجود تاريخ عائلي يزيد من احتمالية ظهور التأتأة، مما يدعم فكرة وجود استعداد جيني أو خلل بسيط في مسارات اللغة داخل الدماغ.

اضطرابات النمو العصبي واللغوي

بعض الأطفال يعانون من تأخر في النمو العصبي أو صعوبات في تطوير مهارات اللغة، مما يجعل التنسيق بين التفكير والكلام أصعب. الدماغ قد يحتاج وقتًا أطول لترتيب الأفكار وتحويلها إلى كلمات منطوقة بسلاسة، خاصة في المواقف المحفوفة بالتوتر أو الإثارة.

الضغط النفسي والتوتر العاطفي

البيئة التي تحيط بالطفل تؤثر بشكل كبير على طلاقة كلامه. الطفل الذي يتعرض للضغط المستمر أو المقارنة أو النقد الدائم قد يشعر بعدم الأمان عند التحدث. كذلك، الانتقال المفاجئ (مثل ولادة أخ جديد أو دخول الحضانة) قد يسبب تراجعًا مؤقتًا في طلاقة الكلام.

محاولة التحدث بسرعة أكبر من قدراته

عندما يحاول الطفل أن يعبر عن أفكار معقدة أو يتحدث بوتيرة لا تتناسب مع قدراته، قد يؤدي ذلك إلى التلعثم. هذه الحالة شائعة عند الأطفال الأذكياء الذين تكون لديهم أفكار كثيرة لكن مهارات النطق ما زالت في طور النمو.

هل التأتأة طبيعية في عمر معين؟

من الشائع أن يمر الأطفال بفترات من عدم الطلاقة في الكلام، خاصة خلال مرحلة اكتساب اللغة بين عمر سنتين إلى خمس سنوات. خلال هذه المرحلة، يكون الطفل في ذروة نموه اللغوي والمعرفي، ويحاول التعبير عن أفكاره ومشاعره بوتيرة أسرع من قدرته الفعلية على الكلام.

التأتأة في عمر 2–5 سنوات

التأتأة التطورية (أو المؤقتة) هي شكل طبيعي من التلعثم يحدث غالبًا عند الأطفال في بداية تعلمهم الكلام. قد يكرر الطفل مقاطع أو كلمات مثل: “أنا أنا أنا أريد”، أو يتوقف فجأة في منتصف الجملة. هذه الظاهرة تظهر في نحو 5% من الأطفال، وغالبًا ما تختفي تلقائيًا مع مرور الوقت دون الحاجة إلى علاج. في كثير من الأحيان، تكون هذه المرحلة قصيرة الأمد وتقل تدريجيًا مع دعم الأهل والتشجيع على التحدث بهدوء وبدون ضغط.

متى تصبح التأتأة مشكلة تستدعي تدخلًا؟

إذا استمرت التأتأة لأكثر من 6 أشهر، أو إذا كانت مصحوبة بعلامات توتر واضحة مثل شد في عضلات الوجه، رمش مفرط، أو تجنب الطفل للكلام، فقد تكون الحالة أكثر من مجرد تأتأة تطورية. كذلك، إذا لاحظ الأهل أن الطفل يشعر بالإحباط أو يبدأ في تجنب مواقف التحدث، فهذه إشارات على أن التأتأة بدأت تؤثر على حالته النفسية. في هذه الحالة، يُنصح باستشارة أخصائي تخاطب لإجراء تقييم شامل ووضع خطة علاج مناسبة. التدخل المبكر يُحدث فرقًا كبيرًا، ويمنع تطور التأتأة إلى نمط مزمن يصعب التخلص منه لاحقًا.

كيف تؤثر التأتأة على نفسية الطفل؟

التأتأة لا تقتصر فقط على الجانب اللغوي، بل تمتد لتؤثر على الصحة النفسية والاجتماعية للطفل. عندما لا يُفهم الطفل بسهولة، أو يتعرض للتنمر أو النقد بسبب طريقته في التحدث، فقد تبدأ آثار عميقة في التكوّن داخل شخصيته.

ضعف الثقة بالنفس والعزلة الاجتماعية

من أبرز التأثيرات النفسية للتأتأة عند الأطفال هو ضعف الثقة بالنفس. يشعر الطفل بأنه مختلف أو “أقل” من أقرانه، خصوصًا إذا قوبلت تأتأته بالسخرية أو التعليق السلبي. هذا الشعور قد يدفعه إلى الانسحاب من المواقف الاجتماعية، وتفضيل الصمت بدلاً من محاولة التعبير. مع الوقت، يمكن أن تتكوّن لديه عزلة اجتماعية ويصبح أقل رغبة في تكوين صداقات أو المشاركة في الأنشطة المدرسية والجماعية.

أثر التأتأة على التحصيل الدراسي والعلاقات

التأتأة قد تعيق الطفل عن المشاركة في الصف، أو التفاعل مع المعلمين والزملاء، مما يؤثر على تحصيله الدراسي. بعض الأطفال يتجنبون الإجابة على الأسئلة أو قراءة النصوص أمام الصف خوفًا من الإحراج. كما قد تؤثر التأتأة على بناء العلاقات الصحية مع الأقران، إذ قد يُساء فهم الطفل أو يُستبعد من التفاعلات الاجتماعية. كل هذه العوامل تؤدي إلى شعور بالوحدة وربما إلى القلق أو الإحباط في مراحل لاحقة من العمر.

التدخل المبكر والدعم الأسري يلعبان دورًا مهمًا في تخفيف هذه التأثيرات وتعزيز ثقة الطفل بنفسه.

كيفية التعامل مع التأتأة عند الاطفال

التعامل مع التأتأة لدى الأطفال يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعتها، وصبرًا من الأهل والمحيطين. فالدعم النفسي والبيئة الآمنة هما من أهم العناصر التي تساعد الطفل على تجاوز التلعثم وتحقيق تطور لغوي صحي. التأتأة ليست علامة على ضعف الذكاء، بل هي اضطراب مؤقت أو دائم في تدفق الكلام، ويمكن تحسينه من خلال التوجيه الصحيح.

دور الأهل في دعم الطفل المتلعثم

الأهل هم حجر الأساس في رحلة الطفل نحو تخطي التأتأة. يجب أن يشعر الطفل بأن المنزل بيئة خالية من التوتر أو السخرية، وأن حديثه مرحب به دون مقاطعة أو استعجال. من المفيد أن يمنحه الأهل وقتًا كافيًا للتعبير عن نفسه، مع التواصل البصري والتفاعل الإيجابي. كما يُنصح باستخدام أسلوب الكلام البطيء والواضح أمام الطفل، لأن الأطفال غالبًا ما يقلدون نمط الحديث الذي يسمعونه.

ماذا يجب تجنبه أثناء الحديث مع الطفل؟

من الضروري تجنب مقاطعة الطفل أثناء حديثه أو مطالبته بـ”أن يعيد الكلام بشكل صحيح”. كما يُفضل الامتناع عن تعليقات مثل “خذ نفسًا عميقًا” أو “اهدأ”، لأنها قد تسبّب مزيدًا من التوتر. لا يجب أبدًا توبيخ الطفل أو السخرية من طريقته في الكلام، حتى ولو على سبيل المزاح. أيضًا، المقارنات مع أطفال آخرين تُعد من أكثر الممارسات ضررًا لنفسيته.

الصبر، والقبول، والاحتواء هي المفاتيح الأساسية لمساعدة الطفل المتلعثم على بناء ثقته بنفسه وتحسين قدرته على التواصل.

طرق علاج التأتأة عند الاطفال

تُعتبر التأتأة من اضطرابات الكلام التي يمكن التحكم فيها بشكل فعّال عند الأطفال، خاصة عند التدخل المبكر. تختلف طرق العلاج باختلاف عمر الطفل، شدة التأتأة، ومدى تأثيرها على حياته اليومية. لا يوجد “علاج سحري”، لكن باستخدام تقنيات علمية وعملية يمكن تحقيق تقدم ملحوظ في طلاقة الكلام.

العلاج التخاطبي المتخصص وجلسات التخاطب

يعد جلسات التخاطب مع أخصائي النطق واللغة من أنجح الطرق في علاج التأتأة. يقوم الأخصائي بتقييم الطفل ووضع خطة علاج فردية تتضمن تمارين تهدف إلى تحسين التنفس، إبطاء معدل الكلام، وتعزيز الثقة أثناء الحديث. غالبًا ما يستخدم المعالج طرقًا مثل “تقنية الكلام المتحكم فيه” و”التكرار الإيقاعي” لتقليل التلعثم.

الدعم الأسري والتفاعل الإيجابي

دور الأهل لا يقل أهمية عن الجلسات العلاجية. من الضروري تجنب مقاطعة الطفل أثناء حديثه أو تصحيح نطقه بشكل قاسٍ، بل يُنصح بالاستماع باهتمام، وإعطائه وقتًا كافيًا للتعبير. تشجيع الطفل على الحديث في أجواء هادئة وبلا ضغط يساعد على بناء الثقة وتخفيف التوتر.

الأنشطة المنزلية المساندة

يمكن استخدام الألعاب اللغوية، قراءة القصص المشتركة، والغناء البسيط كوسائل غير مباشرة لتحسين الطلاقة. كما يُنصح باستخدام التكرار الإيجابي، مثل إعادة الجمل التي قالها الطفل بصيغة صحيحة دون الإشارة إلى الخطأ.

التدخل المبكر والمتابعة المستمرة

كلما بدأ العلاج مبكرًا، زادت فرص التحسن السريع. من المهم متابعة تقدم الطفل بانتظام وتعديل الخطة حسب الحاجة. أحيانًا يتم دمج العلاج السلوكي عن طريق جلسات التخاطب وغيرها  لدعم الجانب النفسي للطفل، خاصة إذا كانت التأتأة تؤثر على ثقته بنفسه.

هل تختفي التأتأة مع التقدم في العمر؟

التأتأة عند الأطفال تُعد من الاضطرابات الشائعة في مراحل النمو اللغوي، وخاصة ما بين عمر 2 إلى 5 سنوات، وقد تختفي تلقائيًا لدى كثير من الأطفال مع التقدم في العمر دون الحاجة إلى تدخل علاجي. هذا النوع يُعرف بالتأتأة التطورية، وينتج غالبًا عن تطور سريع في مهارات اللغة والكلام. تشير الدراسات إلى أن حوالي 75% من الأطفال الذين يعانون من التأتأة يتغلبون عليها بشكل طبيعي خلال عدة أشهر إلى سنوات، خاصة عند وجود دعم أسري وبيئة خالية من التوتر.

لكن في بعض الحالات، قد تستمر التأتأة إلى ما بعد سن المدرسة، وتُعرف حينها بالتأتأة المزمنة. استمرارها يرتبط غالبًا بعوامل وراثية أو نفسية أو عصبية، وتستدعي متابعة من أخصائي تخاطب. كلما تم التدخل المبكر، زادت فرص التحسّن، وقلت احتمالية أن تستمر التأتأة في سن المراهقة أو البلوغ. لذلك، المراقبة الواعية والسلوك الداعم من الأهل يُعدان مفتاحين للتعامل الصحيح مع التأتأة.

نصائح للوقاية وتقليل التلعثم

التحدث ببطء أمام الطفل وترك وقت كافٍ للرد

من أهم وسائل الوقاية من التأتأة أن يتحدث الأهل ببطء ووضوح أمام الطفل. هذا النموذج الهادئ في الحديث يساعد الطفل على تنظيم أفكاره دون استعجال، ويقلل من الضغط الناتج عن محاولة الرد السريع. عند التحدث معه، امنحه وقتًا كافيًا للتفكير والرد، ولا تستعجل إجابته. الصبر والهدوء يرسّخان لديه الإحساس بالأمان اللغوي.

تجنب التصحيحات المستمرة أو المقاطعة

عندما يخطئ الطفل في نطق كلمة أو يتلعثم، من الأفضل ألا يتم تصحيحه باستمرار أو مقاطعته أثناء الحديث. هذه التصرفات تُشعر الطفل بالإحراج أو القلق، مما يزيد من التلعثم. بدلًا من ذلك، استمع بانتباه، وأعد الجملة بشكل صحيح لاحقًا بطريقة غير مباشرة ولطيفة دون توبيخ.

توفير بيئة لغوية داعمة وإيجابية

خلق بيئة لغوية مريحة وداعمة في المنزل يُقلل من التوتر المرتبط بالكلام. تحدث مع الطفل كثيرًا، وامدحه عندما يُعبّر عن نفسه بثقة، حتى لو كانت هناك أخطاء. قلل من المقارنات مع أطفال آخرين، وشجعه على الحديث عن مشاعره وتجربته اليومية بحرية. كلما شعر بالأمان والدعم، زادت ثقته في قدرته على التحدث بطلاقة.

في النهاية التأتأة ليست نهاية الطريق، بل هي مرحلة يمكن تجاوزها بالدعم الصحيح والتدخل المبكر. كل طفل يملك القدرة على التطور والتعبير عن نفسه بطلاقة إذا وجد بيئة مشجعة وآمنة. دور الأهل والمربين محوري في احتواء الطفل المتلعثم ومساعدته على تخطي هذه العقبة بثقة وهدوء. لا تتردد في استشارة أخصائي تخاطب عند الحاجة، فالكلمة الطيبة والاهتمام المبكر هما مفتاح التغيير.

    الاسم الكامل

    رقم الهاتف

    رسالتك

    مركز النمو والتواصل

    نقدم خدمات متخصصة في علاج اللغة والتخاطب وصعوبات التعلم للأطفال، باستخدام أساليب حديثة وفعالة في بيئة مريحة ومحفزة، سواء داخل المنزل أو في المركز. هدفنا هو أن نكون الخيار الأول للأسر الباحثة عن حلول مبتكرة لتعزيز تواصل وتعليم أطفالهم

    طفل يتلقى علاج للتخاطب
    Scroll to Top